الاثنين، 17 أغسطس 2015

رحلة في عقلية معلم ياباني

رحلة في عقلية معلم ياباني

د.م. عصام أمان الله بخاري
    تمكن مبتعث سعودي من الالتحاق بجامعة تويوتا للتقنية كأول طالب أجنبي يفعل ذلك بمرحلة البكالوريوس في تاريخ تلك الجامعة. ولكن للأسف ونتيجة لظروف متعددة اضطر الطالب بعد سنة واحدة للانتقال لجامعة أخرى نجح وتفوق فيها. وقتها زارني مدير جامعة تويوتا (د. أكيرا إيكوشيما) في مكتبي بطوكيو قاطعاً مسافة ساعتين بالقطار من مدينة ناجويا. وتفاجأت به يقول لي:" أصالة عن نفسي ونيابة عن جميع أساتذة جامعة تويوتا ومنسوبيها أتقدم إليكم بالاعتذار لفشلنا في توفير بيئة أكاديمية ينجح فيها طالبكم!!". في مقالة اليوم أصطحبكم لرحلة في عقلية المعلمين والأساتذة في بلاد الشمس المشرقة..
وننطلق للحديث عن السيد (كاتاياناغي كو) والذي أسس أكاديمية باسمه واستثمر مبالغ ضخمة في المباني والمرافق والبنية التحية إضافة للأساتذة بالطبع حيث يؤمن أن التعليم الناجح سره في توفير البيئة الأكاديمية المحفزة للنجاح. وفي كلمته للطلبة في حفل بداية العام الدراسي في أبريل الماضي يقول السيد كاتاياناجي والذي بلغ من العمر 94 عاما:"حرصت أن تكون جامعتكم في أبهى حلة لتوفير بيئة أكاديمية متميزة. سترونني أدور على الفصول والمعامل وحتى دورات المياه لأتأكد من أن كل شيء سليم ونظيف. وإذا واجهتم أي مشكلة أرجوكم أن لا تترددوا في الحديث الي!".
سبق وفي مقالة سابقة أن عرضت عن أحداث زلزال 11 مارس 2011م في اليابان وتحديداً في مدرسة أويكي وعن المعلم الذي خاطر بحياته لينقذ طالبه المقعد حيث أبى أن يركض مع الراكضين وحمل ذلك المعلم طالبه المقعد على ظهره وسار به مسافة كيلومترين متسلقاً جبلاً صغيراً لينجو الاثنان من الغرق في موجات التسونامي القاتلة..
وعندما كنت طالباً زرت مدرسة ابتدائية يابانية لأقدم محاضرة عن المملكة ضمن المنهج الدراسي لمادة (ثقافات العالم) واجتمعت مع مدرسة الفصل التي طلبت مني عدم الحديث عن عدد من النقاط وتحديداً المناخ والأكلات التقليدية السعودية. ولما سألتها عن السبب أجابتني قائلة:"لا أريدهم أن يحصلوا على هذه المعلومات منك في المحاضرة بل الهدف أن يتعلموا كيف يبحثون بأنفسهم عن المعلومة في الكتب وعلى الانترنت!". اللطيف أن الطلاب بعد أسبوعين من المحاضرة طرحوا عدداً من الأسئلة على محدثكم بالهاتف وبعدها بأسبوع قام الطلبة بتقديم عرض عن المعلومات التي بحثوا عنها وجمعوها عبر البحث والمقابلة الهاتفية..
ومن المؤشرات عن مدى مكانة المعلم في اليابان وجود عدد غير قليل من المسلسلات التي تدور حول المعلم وطلبته. ومن أشهر تلك المسلسلات (المعلم كينباتشي) والذي استمر عرضه لأكثر من ثلاثين عاما منذ 1979م. وأعرض عليكم مجموعة من المقولات الشهيرة للمعلم كينباتشي والتي تعبر عن عقلية المعلمين في اليابان:
الطموح والقدرة على رؤية الأحلام هي المورد الوحيد لليابان. فلتتحدثوا دوماً عن أحلامكم العظيمة.
من كان ذا إرادة عالية فليتحمل إساءات صغار النفوس.
في هذه الحياة يكفي أنكم جعلتم أمهاتكم يبكين وقت ولادتكم..لا تفعلوها مرة أخرى!
ليس المعلم من أطلقوا عليه لقب معلم.. المعلم الحقيقي هو من أحبه طلابه!
إذا ما أضعتم دربكم في مسيرة حياتكم فعودوا إليّ يا أبنائي وبناتي. ستجدونني هنا عند نهر أراكاوا وفي فصول مدرسة ساكورا أنتظركم. فإذا ما حددتم وجهتكم التالية فأعطوني ظهوركم وانطلقوا بقوة لتحقيق ذلك الهدف.
وأختم بكلمات أستاذي (د.أزوما موتوئي) والذي كان مشرفي في مرحلة الماجستير عندما خاطب طلابه قائلاً: "قمة الوفاء من الطالب في نجاحه في التفوق على أستاذه الذي علمه!".
نعم، بهذا الفكر وهذا التعليم قامت نهضة اليابان...

المصدر 
http://www.alriyadh.com/1071145

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق